السيدة لازوروس [١]
اقترفته مجددًا
في سنةٍ من كل عشر سنوات
أظفُر به
نوعٌ من معجزةٍ حيّةٍ هو جلدي
كمظلّة مصباحٍ صنعها النازيّون
قدمي اليمنى كمثقالِ الورق
وجهي بلا ملامحٍ، رقيق
كالكتّان اليهودي [٢]
أزِل الغشاء يا عدوّي
هل أرعبك؟
الأنف، العينان وصَفُّ الأسنانِ الكاملةِ ترعبك؟
النَفَس الكريه سرعانَ ما سيتلاشى في يومٍ ما
قريبًا قريبًا
حفرةُ القبر ستأتي منزلي لِتلتهم
وأنا إمرأةٌ مازالت في الثلاثين من العمر، باسِمة
ومثل القطِّ لدي تسع حيواتٍ أموت فيها
هذه الثالثة،
يا للفضاضة أن أفنى مرةً كل عقد
مليون فتيلة [٣]
الحشدُ الناهمُ للفستق يتكدسُ ليشاهد
يعرونني طبقةً طبقة، يداي فقدماي
ترقبوا سيداتي سادتي
ها هُنّ يدايَ ها هُنّ قدماي
قد أكون جلدًا وعظمًا لكني ما زلت الإمرأة ذاتها
حين حدثَ الأمر للمرة الأولى كنت في العاشرة
كان حادثًا
في الكرّة الثانية وددت الإتمام وعدم العودة مجددًا
فانغلقت
كصدفة بحرية [٤]
اضطروا للمناداة مرارًا وتكرارًا
ونزع الدودِ عني كما اللؤلؤ المُشحّم
الموت — فنٌ كباقي الأمور
وأني لأبرُعُ فيه براعةً إستثنائية
أمارسه ليشعرني بهول الجحيم
أمارسه ليشعرني بالحقيقية
يصّح لك القول أن الموت هو رسالتي في الحياة
سهلٌ وينَفّذ في الزنزانة
سهلٌ فبالإمكان اقترافه برزانة
مسرحٌ هو الموت
أعود في وضَح النهار
لذات المكان بذات الوجه بذات الوحشيّة [٥]
وسوف يهلّل الجمع : معجزة!
إنها تهُزني
فهنالك رسومٌ تدفعها، لرؤية ندوبي —هنالك رسوم
تتجه لقلبي وتقصُده
وهنالك رسومٌ كبيرة— ضخمة
لكل كلمة وقطرة دمٍ ولمسة
أو لخصلةٍ من شعري
أو لقطعةٍ من ردائي [٦]
لذا سيدي الطبيب، لذا سيدي العدو، أيا إلهي [٧]
إني معجزتك الفنيّة، طفلك الذهبيّ النفيس [٨]
الذي يلقى في النار ويصرُخ
إني اتقلّبُ وأحترق
فلا تظن أني أستهين بهمّك الذي أنت حامله تجاهي
رمادٌ رماد [٩]
تعيد إستفراغه وتحرّكه
لحم، عظم، لا شيء هنا
سوى حساءِ مادةٍ هلامية
و خاتم الزواج
ذا الحشوةُ الذهبيّة
سيدي الطبيب، سيدي العدو، أيا شيطاني
حذارِ حذارِ [٨]
فمن الرماد أنبثق كالعنقاء
بشعرٍ أحمر
آكل الرجال كالهواء.
—-
قصة القصيدة:
قصيدة “ليدي لازوروس” كتبَتها سيلفيا بلاث في أكتوبر 1962، في فترة كانت تعاني فيها من اكتئاب شديد وانهيار زواجها من الشاعر تيد هيوز وتتحدث عن امرأة تحاول الانتحار لكنها تعود للحياة في كل مرة، وكأنها تُبعث من جديد مثل العنقاء، تشعر بأن الآخرين يستغلون معاناتها ويتعاملون مع ألمها كعرض مسرحي، تستخدم صورًا قوية مثل الاحتراق والموت والقيامة لتعبّر عن غضبها ورغبتها في الانتقام ممن حاولوا السيطرة عليها. هذه القصيدة تعكس حالة بلاث النفسية في أيامها الأخيرة قبل انتحارها في فبراير 1963، وهي واحدة من أكثر قصائدها غضبًا وقوة.
هوامش:
[١] "لعازر بيت عنيا" هو شخصية من العهد الجديد الذي أعاد يسوع حياته بعد أربعة أيام من وفاته، كما قيل في إنجيل يوحنا. تعتبر القيامة واحدة من معجزات يسوع، وتشبّه به سيلفيا بلاث نفسها في هذه القصيدة دلالة على عودتها من الموت مرة أو أكثر من مرة في محاولاتها الإنتحار، واحدة عن طريق الخطأ عندما كانت في العاشرة من عمرها، وأخرى عندما تناولت جرعة زائدة من حبوب الدواء في عشريناتها.
[٢] هنا، تُلمّح بلاث إلى شائعةٍ شائعة بعد الحرب العالمية الثانية، مفادها أن النازيين كانوا يصنعون أباجوراتٍ من جلود الضحايا المقتولين. وبتشبيهها جلدها بـ"الكتان اليهودي الناعم عديم الملامح" الذي يُزعم أنه استُخدم في صنع هذه الأباجورات، تُعرّف بلاث نفسها بالضحايا اليهود.
[٣] "مليون فتيلة" والفتيلة هي ما تُصنع منها المصابيح، والجزء المضيء منها وهنا إشارة أنها تتواجد في مكان يشبه السيرك والجمهور يشاهدها تتسلخ.
[٤] "أنغلقت كصدفة بحريّة" هذا التشبيه يعود لحياتها و يشير ذلك إلى أن السيدة لازاروس/ بلاث كانت ملتفة تحت سرير والدتها في محاولة إنتحارها الثانية، في محاولة لإغلاق العالم، في محاولة جاهدة للموت.
[٥] "ذات ، ذات" يظهر الاستخدام المتكرر للكلمة نفسها إحباطها وغضبها؛ لأنها لم تكن تريد أن ينظر إليها الحشد على أنها ضحية فقط و أرادت الهروب من العيون المجتمعية، لكن نفس المجتمع لم يسمح لها بذلك.
[٦] يبدو أنها بدأت في التخطيط لانتقامها من هذه اللحظة فصاعدًا هناك ثمن لمجرد التحديق في ندوبها، أو سماع قصة قلبها، ثمنٌ باهظٌ جدًا لمجرد كلمة أو لمسة أو قطرة دم، الرسوم هنا تمثل نوعًا من الانتقام من الجمهور، هذه النبرة الجادة المفاجئة تدل أنها لم تعد ترغب في أن تكون فنانة غير ناضجة لا تُكمل فنّها (الموت) و أنها على حافة انهيار كبير أو تحول إلى شخص أكثر شراسة.
[٧] وتكرر بلاث تعريفها بالضحايا اليهود، عندما تُخاطب أحد أطبائها بـ"هير دكتور". هنا، تستخدم الصيغة الألمانية للمخاطبة (هير، وتعني "سيدي") للإشارة إلى صلةٍ بين طبيبها وأولئك الأطباء النازيين الذين شاركوا تو تجارب طبيةٍ مُقلقةٍ أخلاقياً.
[٨] إشارة “الطفل الذهبي النقي"الذي يُلقى في النار" تتماشى مع صور الاحتراق والدمار المتكررة في القصيدة، خاصةً في النهاية عندما تقول: “فمن الرماد أنبثق، بشعرٍ أحمر، آكل الرجال كالهواء”، اضافة العنقاء لم تكن موجودة في القصيدة الأصلية لكنه هو التشبيه الغالب في إنبثاقها هذا، والشعر الأحمر لون الغضب مما يؤكد تحولها من ضحية إلى قوة مدمرة، تتحدى من حاولوا السيطرة عليها.
وتصف نفسها بأنها “أعظم تحفة/ معجزة” للطبيب، وكأنه الخالق أو المتحكم في مصيرها. هذا يعزز فكرة السلطة الذكورية التي تظهر في بقية القصيدة، حيث تتلاعب بلاث بصور الطبيب، الإله، العدو، وحتى النازي، للإشارة إلى كيف يُعامل جسدها وكأنه شيء مملوك أو خاضع لقوى خارجية.
[٩] تصف نفسها بأنها تُحرق حتى تتحول إلى رماد - "رماد، رماد" مرةً أخرى مثل أولئك الضحايا الذين قتلهم النازيون وأحرقوا جثثهم خلال الهولوكوست.
Lady Lazarus
By Sylvia Plath
I have done it again.
One year in every ten
I manage it——
A sort of walking miracle, my skin
Bright as a Nazi lampshade,
My right foot
A paperweight,
My face a featureless, fine
Jew linen.
Peel off the napkin
O my enemy.
Do I terrify?——
The nose, the eye pits, the full set of teeth?
The sour breath
Will vanish in a day.
Soon, soon the flesh
The grave cave ate will be
At home on me
And I a smiling woman.
I am only thirty.
And like the cat I have nine times to die.
This is Number Three.
What a trash
To annihilate each decade.
What a million filaments.
The peanut-crunching crowd
Shoves in to see
Them unwrap me hand and foot——
The big strip tease.
Gentlemen, ladies
These are my hands
My knees.
I may be skin and bone,
Nevertheless, I am the same, identical woman.
The first time it happened I was ten.
It was an accident.
The second time I meant
To last it out and not come back at all.
I rocked shut
As a seashell.
They had to call and call
And pick the worms off me like sticky pearls.
Dying
Is an art, like everything else.
I do it exceptionally well.
I do it so it feels like hell.
I do it so it feels real.
I guess you could say I’ve a call.
It’s easy enough to do it in a cell.
It’s easy enough to do it and stay put.
It’s the theatrical
Comeback in broad day
To the same place, the same face, the same brute
Amused shout:
‘A miracle!’
That knocks me out.
There is a charge
For the eyeing of my scars, there is a charge
For the hearing of my heart——
It really goes.
And there is a charge, a very large charge
For a word or a touch
Or a bit of blood
Or a piece of my hair or my clothes.
So, so, Herr Doktor.
So, Herr Enemy.
I am your opus,
I am your valuable,
The pure gold baby
That melts to a shriek.
I turn and burn.
Do not think I underestimate your great concern.
Ash, ash—
You poke and stir.
Flesh, bone, there is nothing there——
A cake of soap,
A wedding ring,
A gold filling.
Herr God, Herr Lucifer
Beware
Beware.
Out of the ash
I rise with my red hair
And I eat men like air.
من اكثر القصائد اللي احبها لسيلفيا، الوصف جميل جداً 🤍
لاحظت اختياراتك لاقتباسات كامو وبلاث.. ذوقك مميّز جدًا! البير وسيلفيا من أفضل الكتاب الذين مرّوا علي..